الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، والموضوع اليوم الترهيب من المسألة وتحريمها مع الغنى، الترهيب من المسألة عامة وتحريمها مع الغنى، وما جاء في ذم الطمع والترغيب في التعفف والقناعة والأكل من كسب اليد.
ليستكثر من ماله، ليشتري حاجات ثانوية.
حدثني طبيب جراح قلب قال: لي في هذا العمل الجراحي تقريباً عشرين عام ما مر بتاريخ عمله الجراحي إنسان فقير عنده شهامة كهذا الذي سأروي قصته: إنسان يعمل في الأحذية النسائية عنده ورشة بالجبل، أصيبت ابنته بآفة قلبية، تحتاج إلى عملية جراحية لا يملك ثمنها إطلاقاً، يبدو أن هذا الطبيب تحدث مع بعض المحسنين فغطوا له العملية بأكملها، فاتصلوا به وأخبروه بالقدوم إليهم وأن يجروا لأبنته هذه العملية قال: أعتذر ! قال: لما ؟ قال: أنا عندي شيء أبيعه، أما اجعل هذا المبلغ الذي تبرع به هذا المحسن لإنسان ليس عنده شيء يبيعه !
قال: وباع عدته ورجع صانعاً يعمل يوماً بيوم، كان معلم عنده ورشة عمل باع الماكينات كلها وأجرى لابنته هذه العملية، ورفض أن يأخذ من هذا المحسن ما يكافئ العملية قال: والله ما صغرت أمام أحد في حياتي كما صغرت أمام هذا الإنسان، قال: عندي شيء أبيعه، اجعل هذا المبلغ لإنسان يحتاج إلى هذه العملية وليس عنده شيء يبيعه !
هكذا كان أصحاب النبي، الأنصار رضوان الله عليهم كرماء، فلما هاجر إليهم المهاجرون النبي آخ اثنينِ اثنين، كل أنصاري تآخى مع مهاجر، من كرم الأنصار كان أحدهم يقول لأخيه المهاجر: عندي بيتان خذ أيا شئت، عندي حانوتان خذ أحدهما، عندي بستانان خذ أحدهما، ما سجل التاريخ أن مهاجراً أخذ من أنصاري شيئاً، فكان جوابهم بارك الله لك في مالك ولكن دلني على السوق.
مرة كنت ألقي محاضرة في أمريكا فالذي دعانا إلى هذه المحاضرة جاءه خبر مزعج، فتغير لونه أنا لاحظته، فحينما انتهت المحاضرة اقترب مني وقال: لي قريب توفي الآن في دمشق في مشفى أجرى عملية في قلبه، عملية قسطرة عادية، تفلت رأس القسطار في قلبه !
حينما عدت إلى الشام سألت عنه أصدقائي قالوا: إنسان مليونير أجرى عملية في مشفى مصممة للفقراء، لأصحاب الدخل المحدود، هذا الإنسان الغني جداً لو تعفف عن هذه المشفى وتركها للفقراء، إذا جمعت مساعدات من يأخذها ؟ الأغنياء قبل أي أحد بكل صفاقة، هذه للفقراء !
سمعت عن إنسان دخل السجن والله فرحت يشتري الأدوية من الصيدليات ويبيعها إلى لبنان، يكون ثمن الدواء ثمانية عشرة ليرة مدعوم للفقير، يعود بالتهريب ثلاثمائة الدواء نفسه، يجمع الأدوية من الصيدليات ويبعث بها إلى شتورى، ينفقد الدواء تطلب الدواء لا يوجد، نريد دواء تجد من هو ذاهب للبنان توصيه يعود الدواء لنا ! الذي دفع أربع أخماس ثمنه دعم من الدولة للفقير يعود بثلاثمائة ليرة، بيع بستة عشر ثم بيع بثلاثمائة، دخل السجن وفرحت له والله، لأن هذا تأديب.
إذا قامت الدولة بفعل شيء للفقراء لا تزاحمهم أنت بكفاية، اعمل عملية بمشفى خاص لا يهم، اترك هذه المشفى للفقراء، الصحابة الكرام لا يوجد أحد أخذ من واحد شيئاً الكلمة الشهيرة لسيدنا عبد الرحمن بن عوف لسعد بن الربيع قال له: بارك الله لك في مالك ولكن دلني على السوق.
لا تسأل إلا إذا كنت مضطراً كهذا الذي ماتت زوجته لأنه لم يسأل من أجل خمسة آلاف ليرة فقط، الوقت المبكر للورم الخبيث نجاح العملية بالمائة ثمانين، توجد أورام بالجلد قبل أن يستأصل أعرف أقربائي من ثلاثين سنة استأصلوا جزء من أمعائهم ولا شيء بهم اليوم، لأن الورم طالما سار لم يعد إيقافه سهل، فبما أنه في مكان محدد واستأصلناه كأنه لم يكن.
لفت نظري بأمريكا أن كل العيادات الممتلئة، ما أكثر المرضى، المفاجأة ليسوا مرضى ! يجرون فحوص دورية احتياط، لأن المرض إذا كشف في وقت مبكر سهل جداً علاجه، أما إذا تأخر الإنسان فات الأوان.
أنا أنصح إخواننا أي ظاهرة غير طبيعية دوخة يمكن أن يكون لها معنى كبير تنميل أشياء ظاهرة جديدة لا تقول خير لاشيء بي، هذا كلام فيه جهل، تابع الأمر قد يكون بالبداية سهل جداً، لكن بعد أن يتفاقم لم يعد هناك حل.
فهذا الدرس لا تسأل إلا إذا كنت مضطر، إذا لم تسأل وكنت مضطراً فأنت آثم !
مرة أخ من إخواننا عليه ديون لا تطاق يعمل بقضية ثانوية بالحياة كعلب الموزاييك والتحف هذه الأشياء لم تعد مطلوبة، وعليه ديون، يأكل بالدين جاءه شخص وأخبره بأنه يريد ألف علبة موزاييك بيت مصحف ! يحل كل مشاكله وينهي كل ديونه، قال: هذا غير مسلم كيف سأتعامل معه ؟ من قال لك أنه ممنوع التعامل مع غير المسلم ؟ النبي الكريم تعامل مع أهل الكتاب باع منهم واشترى منهم واقترض منهم، ليكون مشرعاً لنا، إذا دخلت لمحل غير مسلم تشتري حاجة تأخذها حلال ولا يوجد أي مشكلة أبداً اسأل، اسألني سؤال قل لي: أستاذ جاءني هذا العرض هل آخذه أم لا ؟ عليك ديون غارق بها وجاءك عمل لتوفيها تحل كل مشاكلك بهذا العرض، فمفتاح العلم السؤال، لا تدخل إلى أي طبيب إلا لتدفع له أقل شيء خمسمائة، يوجد محاميين تعرض عليهم قصتك يطلب منك ألفين ليرة ! وإذا هز رأسه نحو الأسفل يكون يطالب بمبلغ أكثر، لكن للأعلى فقط ألفين ليرة، تأتي إلى الجامع تسأل مائة سؤال مجاناً، لا شيء اسأل ما الحكم الشرعي ؟ فالدرس اليوم إياك أن تسأل الناس تكثراً، أما إذا كنت مضطراً اسأل وقد تحل هذه المشكلة، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه.
لكن المشكلة يا إخوان: أن هؤلاء الذين يمنعون الماعون هم عند الله مجرمون ! لماذا ؟ لأنهم زعزعوا ثقة الإنسان بالعمل الصالح، طرق بابي الساعة يمكن السابعة صباحاً شاباً مضرباً خائفاً قال لي: هناك من أرسلني إليك، قلت له: ما المشكلة ؟ قال: زوجتي في المشفى بطنها مفتوح والعملية قيسرية، وأملك ثمانية آلاف وينقصني ثلاثة وخمسمائة وإلا تموت ولا يتابعوا حتى أحضر المبلغ، إذا رددته وكان صادقاً مشكلة، وإذا أعطيته وكان كاذباً بسذاجة أخبرت أبا سليم بالقدوم إلي بسرعة هذا المبلغ واذهب معه إلى المشفى، فإذا ليس هناك زوجة ولا أي شيء، كله كذب بكذب، كهؤلاء الأشخاص الكاذبين يزعزعون ثقتك بالسائل، لو كان هناك إيمان كان الصادق يعطى، لكن يوجد مائة كاذب حتى تجد صادق.
أحد إخواننا قام بعملية مكافحة التسول، وكان هناك تعاون كبير بينه وبين عدة وزارات، وضبطوا ألف وخمسمائة متسول، وحققوا معهم، المفاجأة فقط خمسة فقراء، والألف والأربعمائة وخمس وتسعين من أربعين مليون وأقل، أحدهم عنده أربعين مليون متسول ! فسألوا بعض المتسولين: أنت غني لماذا تتسول ؟ قال: هذه قضية مبدأ !
فقال:
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب
إرسال تعليق
Click to see the code!
To insert emoticon you must added at least one space before the code.