ولاية عبد الرحمن الغافقي (112هـ=730م)
بعد استشهاد عَنْبَسَة بن سُحَيْم -رحمه الله- بدأت الأمور في التغيُّر؛ فقد تولَّى حكم الأندلس مِن بعده مجموعة من الولاة على غير عادة السابقين، فعلى مدى خمس سنوات فقط (107-112هـ=725-730م) تولَّى إمارة الأندلس ستة ولاة، كان آخرهم رجل يُدعى الهيثم بن عبيد الكلابي –أو الكناني حسب بعض الروايات- وكان عربيًّا متعصبًا لقومه وقبيلته[1].
ومن هنا بدأت الخلافات تدبُّ بين المسلمين: المسلمون العرب من جهة والمسلمون الأمازيغ (البربر) من جهة أخرى، وكانت خلافات بحسب العِرْقِ وبحسب العنصر، وهو أمر لم يحدث في تاريخ المسلمين منذ فتح الله على المسلمين هذه المناطق وحتى هذه اللحظة، ولم تمرّ خلافات العصبيات هذه مرور الكرام، وإنما دارت معاركُ ومشاحناتٌ بين المسلمين العرب والمسلمين الأمازيغ (البربر)[2]، حتى مَنَّ الله على المسلمين بمَنْ قضى عليها ووحَّد الصفوف من جديد، وبدأ يبثُّ في الناس رُوح الإسلام الأولى، التي جمعت بين الأمازيغ (البربر) وبين العرب، والتي لم تُفَرِّق بين عربي وأعجمي إلاَّ بالتقوى، ذلك هو عبد الرحمن الغَافِقِيُّ -رحمه الله.
عبد الرحمن الغافقي
مَنْ يكون عبد الرحمن الغافقي؟
هو عبد الرحمن بن عبد الله بن بشر بن الصارم الغَافِقِيّ العَكِّيّ (ت 114هـ=732م)، ينتسب إلى قبيلة (غافق) وهي فرع من قبيلة (عك) باليمن، ويُكنى أبا سعيد, وكان من كبار القادة الغزاة الشجعان، وهو أحد التابعين –رحمه الله[3].
مولد عبد الرحمن الغافقي
ربما يكون وُلِدَ في اليمن ورحل إلى إفريقية، وَفَدَ على سليمان بن عبد الملك الأموي في دمشق، وعاد إلى المغرب، فاتصل بموسى بن نصير وولده عبد العزيز، أيام إقامتهما في الأندلس، ووليَ قيادة الشاطئ الشرقي من الأندلس[4].
فكر الغافقي العسكري
تميَّز القائد عبد الرحمن الغافقي من الناحية العسكرية بالحسم، وهو مبدأ في غاية الأهمية، ويحتاج إليه القائد؛ حتى لا تتشتَّت الأمور ويبعد الهدف في ظلِّ التراخي عن اتخاذ القرار وتأخير ذلك عن وقته.
كما تميَّز أسلوبه العسكري النابع من فكره الصائب بالتوازن، بين ما يملك من قوى وما يُريد من أهداف، إضافة إلى اعتماد مبدأ الإعداد قبل التلاقي؛ أي: إعداد الجنود والشعب كله قبل المعركة إعدادًا قويًّا من كافَّة النواحي، والتأكُّد من توافر كل أنواع القوة؛ بداية من قوة الإيمان بالله، مرورًا بقوَّة التماسك والأخوة بين أفراد الجيش جميعًا، بل وأفراد الشعب، وانتهاءً بقوة الساعد والسلاح، وهي القوة المادية، وعدم الاستهانة أو التقليل من شأن أي نوع من أنواع هذه القوى؛ فإن أي قصور في أي نوع منها كفيلٌ بجلب الهزيمة على الجيش كله.
خلُق الغافقي
إرسال تعليق
Click to see the code!
To insert emoticon you must added at least one space before the code.