أي أن الذي يريد الدنيا فالله يعطيه من الدنيا
غنائم وأشياء، ولنا أن نلحظ أن الحق عندما يتكلم هنا عن الدنيا فهو لم
يصفها بحُسن أو بشيء، فقط قال: {ثَوَابَ الدنيا}، لكن عندما تكلم عن الآخرة
فهو يقول: {وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخرة} وهذا هو الجمال الذي يجب أن يُعشق؛
لأن الدنيا مهما طالت فهي متاع وغرور وزخرف زائل، ومهما كنت منعماً فيها
فأنت تنتظر حاجة من اثنتين: إما أن تزول عنك النعمة، وإما أن تزول أنت عن
النعمة.
ويختم الحق الآية بقوله: {والله يُحِبُّ
المحسنين} وقد أحسنوا حين ناجوا ربهم بعدما أصابهم. إنهم سألوا المغفرة،
وسألوا أن يغفر لهم إسرافهم في أمرهم، وأن يثبت أقدامهم وأن ينصرهم على
القوم الكافرين؛ لأنهم رأوا أن قوتهم البشرية حين يتخلى عنهم مدد الله تصبح
هباءً لا وزن لها.
{فَآتَاهُمُ الله ثَوَابَ الدنيا وَحُسْنَ
ثَوَابِ الآخرة والله يُحِبُّ المحسنين} ومثلما قلنا في الصبر: {والله
يُحِبُّ الصابرين} كفى بالجزاء على الصبر أن تكون محبوباً لله، كذلك كفى
بالجزاء على الإحسان أن تكون محبوبا لله. وبعد ذلك يقول الحق: {يَا
أَيُّهَا الذين آمنوا إِن تُطِيعُواْ الذين كَفَرُوا...}.
إرسال تعليق